المحرك: أنت تجلس في بيتك فتأتيك الفكرة، أنت لم تصنعها ولم تستدعها، وفي حينٍ آخر تجهد نفسك في التفكر والتأمل لكي تحصل على فكرة لكن دون جدوى، أيضا وأنت سائر في الشارع يظهر لديك دافع يغير طريقك، أو تأتيك خاطرة تجعلك تعود أدراجك. هذه الافكار والدوافع والخواطر وما يشاكلها أنت لم تستدعها ولم تستخرجها مما تسميه (داخلك)اليس كذلك؟.

   المتحرك: أجل.

  المحرك: اذن هي ليست منك، وأعني بك هذا الانسان المحدود بالاطار المعلوم، فلو كانت منك لعلمت بذلك كما أنك حينما ترفع قلمك تعلم أنك رفعته.

    المتحرك: لا بأس، أكمل.

  المحرك: وعلى هذا يكون لدينا اجمالاً تفسيرين محتملين لهذا الامر:

  الاول: أن يكون الانسان أوسع مما نعتقده، أي اوسع من الانسان المحدود بالاطار المعلوم لدينا، وأقرب تمثيل لذلك هي الشجرة النابتة في وسط النهر، فالإنسان المعلوم هو الجزء الظاهر فوق الماء من الشجرة لكن هنالك جزء أكبر مخفي تحت الماء وهو الاساس للجزء الظاهر، وأبصار عقولنا تعجز عن رؤية ما تحت الماء؛ لأنه لا يتناسب مع طبيعتها التكوينية.

  الثاني: أن يكون الانسان هو هذا الكائن المحدود بالأطر والحدود المعلومة، لكنه غير منفصل فصلاً تاماً عن العوالم التي صدر عنها، أعني أن هناك صلة ارتباطية بين الانسان وبين العوالم التي تكوّن منها، كما أن هنالك صلة بين التراب وجسد الانسان الذي تكوّن منه، فالانفصال عن التراب ملحوظ، والاتصال مع التراب من خلال الطعام والشراب أيضاً ملحوظ، وعلى ذلك تكون هناك صلة بين الوجود الانساني وبين تلك العوالم. وما يَرِدُ عليه من أمور معنوية هي صادرة عن تلك العوالم عن طريق صلة الارتباط، وليس أنها داخل الانسان أو داخل نظامه الاستقلالي. وهنالك تفسير ثالث لا يناسب هذا المستوى من الطرح………..يتبع.

منتظر الخفاجي




جديد قسم : مقالات

إرسال تعليق