نعم لقد غُلب العقل وانتصرت الشهوات وسادت الأرض، وبدأت بإزالة التراث العقلي ومحو آثاره، وباشرت بتطبيق برامجها والذي اوله تجهيل المجتمع الإنساني وإيقاف حركة العقل وحصر عمله على ما يحقق الرغبات والاهواء واما غير ذلك فغير مسموح باستخدام العقل. لقد استبدلت حكومة الشهوات التفكير والتأمل باللهو والألعاب الالكترونية، واستبدلت التخطيط السياسي لدفع المجتمع نحو الفضائل بالتخطيط لاستغلال المجتمع في كسب المال والاثراء على حساب قيمه الوجودية. لقد ازاحت حكومة الشهوات عقلاء القوم واستبدلتهم بقواد همهم زيادة عدد متابعيهم على تويتر وفيس بوك، استغنت عن أصحاب الأقلام الهادفة ونصبت بدلهم مخلوقات أخرى لا يُعرف جنسها!. ازاحت حكومة الشهوات حراس الدين واقامت مقامهم شياطين بهيئةٍ من طين.

     في حكومة العقل كان الأطفال بعمر الخامسة والسابعة أما في حكومة الشهوات فأصبح الطفل في عمر الثلاثين.

     عندما سادت الشهوات ونشرت برنامجها الحكومي قررت ان الاخلاق قيد يقيد الحريات يجب التخلص منه، وان عادات الآباء جهل يجب الابتعاد عنه، وان الدين الذي يوصي بالعفة والفضيلة ومساعدة الغير واحترام الجار وحفظ اللسان انما هو مجموعة مفاهيم بالية لا تناسب التطور والرقي الذي يعيشه المجتمع الآن!.

     حكمت الشهوات بأن الشاب يجب ان يكون جميلاً كالنساء مهما كان الثمن، وأن الوقت الذي كان يضيعه ببناء شخصيته وثقافته والرقي بأدبه يجب ان يستغله في تزين شعره وتبيض بشرته وتحديد حواجبه، وما سوى ذلك فهو مضيعة للعمر الثمين!!.

     قضت حكومة الشهوات بتخليص المكتبات من كتب الحكمة والفلسفة والتربية والسياسة والعلوم العقلية وما بقي منها يجب ان يُدفن في رفوفه، فما فائدة كتب الحكمة في كسب المال! وما فائدة كتاب جامع السعادات في تحقيق الملذات! وان لم يدفع كتاب التربية قارئه نحو شهوة الجنس فلا خير منه يرجى! فيجب ان تستبدل هذه الكتب المضرة بما يحقق رغبات الانسان، من كتب الروايات الغرامية وكتب العناية بالبشرة وكتب المهازل الدينية، والقصص الخرافية، فطُبق قرار حكومة الشهوات بأتم تطبيق.

     ومن قوانين هذه الحكومة أنها أوجبت على كل من يريد العمل في دوائرها، ان يتصف بصفاتها، ويكون دافعه ومحركه للعمل العام هو تحقيق مصالحه الفاسدة وشهواته القذرة، والا فلا مكان له في إدارة مؤسسات حكومة الشهوات، فإما ان تكون عبداً لشهواتك وإما ان تجلس في بيتك وتكون عبداً لعبدٍ لشهواته يتحكم بك كيفما يشاء.

هذا أحبتي موجز ما نعيشه الان.

                                                          منتظر الخفاجي


جديد قسم : مقالات

إرسال تعليق