مخاطرُ اجتماعية : العلاقات خارج إطار الزوجية


مخاطرُ اجتماعية

     من المخاطر الكبرى التي ابتليَ بها الناس وخاصةً في عصر سرعة التواصل الاجتماعي، هي معضلة العلاقات خارج إطار الزوجية بالنسبة للمتزوجين، والتي هي أكبر أسباب انهيار الأُسر في عصرنا الحالي. فقد شهدنا دمار أسرٍ قائمةٍ منذ سنين قد ضحى أهلها من أجل إيصالها الى مراتب جيدة، من تنشئة الأولاد وخلق كيانٍ متكاملٍ في المجتمع، ثم من خلال نزوةٍ عابرةٍ لا تدوم أكثر من دقائق ينهار بناء سنين وتضيع أسرة كاملة.
     قد يُوهم الانسان نفسه (الزوج او الزوجة) أو يحاول ان يقنع نفسه لأجل إقامة علاقة خارج رباط الزوجية، ويبرر لعقله ان ما يُقدم عليه هو شيء ضروري ومن حقه، ويهيئ الحجج والأعذار، لكن… قد يسكت العقل وتذعن النفس لكن الضمير يعرف الصواب من الخطأ.
     ومن الأسباب والاعذار التي يتخذها الزوج او الزوجة حجةً لإقامة هكذا علاقات هي:
     أولاً: ان زوجتي لا تفهمني، والمرأة الأخرى تفهمني جيداً!.
     ثانياً: ان زوجي منشغلٌ عني دائماً، فلا يحدثني ولا يهتم بي، أما الشخص الاخر فهو مهتم بي اهتماماً منقطع النظير.
     ثالثاً: المرض. فقد يكون أحد الزوجين مريضاً وبالتالي يصدر منه تقصير في واجبات الاخر.
     رابعاً: الملل الدافع لطلب التغيير، فكما قال لي أحدهم حينما سألته لماذا يتنقل بين النساء؟ قال: الاستمرار على نفس الطعام يومياً يولد الملل فلابد من التغيير!. كأنه ينظر للزوجة على أنها مطعم!!!.
     خامساً: المشاكل المتكررة بين الزوجين والتي توصل الى البُعد والنقص العاطفي. وهناك أسباب واعذار كثيرة قد يسعفني بها القارئ الكريم.
     حسب رأيي إن كل هذه الاعذار او الأسباب حتى وان كان لها أثراً فلا توجب الاقدام على تدمير الاسرة واضاعة العائلة، فإن كانت الزوجة حقا لا تفهم زوجها، وان كان الزوج حقاً منشغل عن زوجته، او كان أحدهما مريضاً او غيرها من الدوافع الناقصة، فهذه الأمور تحصل حتى لو استبدلنا الزوج بزوج آخر، ثم ان علاقة الزوج ليست سفرة سياحية لا يعمها الا الفرح والمتعة! كلا كلا… الزواج بناء مؤسسة يستمر لعشرات السنين، انت حينما تريد بناء غرفة واحدة في منزلك ينقلب كل كيانك وترى الذل والهوان وقد تخرج منها بمرض مزمن، فكيف ببناء أنسان؟! بل عدة أناس؟.
     فمن ينظر الى العلاقة الزوجية على أنها متعة ولذة، فأنصحه أن لا يتزوج. إن من أهم اركان روابط الزوجية هو التحمل فالإنسان لا يقنعُ الا بنفسه ولابد ان يرى ما لا يعجبه بالإنسان الآخر حتى ولو كان نبياً معصوماً، فما دام هناك اختلاف بين الانسان وأخيه وهناك أنانية فلابد ان نرى او نختلق النقص حتى في الانسان الكامل.
     ان مسالة حب التغيير ناشئة عن الترف في الشهوة الجنسية، فمن يُشبع غريزته بأمرٍ ما فسوف تطلب امراً اخراً وان حصلت عليه طلبت غيره وهكذا دون توقف عند حدٍ ما.
     فالواجب الزوجي يحتم على كلا الزوجين تحمل ما يصدر من الآخر وما اشتمل عليه الاخر من صفات وعادات، وإلا فلا سبيل لإنجاح هذه المؤسسة الا بذلك، واعتقد ان العلاقة الزوجية تستحق ان يضحى من أجلها بتحمل نقصان جمال الزوجة او تقصير الزوج او غيرها من الأمور الصغيرة، وأما إذا جهلنا قيمة العلاقة الزوجية، او أسأنا تقدير هذا الرابط المقدس، وعجزنا عن تحمل ما ينبغي تحمله؛ فسوف تنهار هذه العلاقة مع أول محك أو عقبة تواجهها.
     قطعا، الذي يفكر -سواء الزوج او الزوجة- بإقامة هكذا علاقات فإنما يدل ذلك على أنانيته، إذ لم يفكر الا بنفسه ولم يلتفت الى عائلته وما يؤثر فعله هذا على جميع افرادها.
     ليس صعباً على الانسان أن يكبح هكذا رغبات او يقيّد بعض اهواءه، فحينما يقايس الفرد بين تحقيق رغبة معينة وبين آثارها السلبية على حياته وحياة من يهمه أمرهم، اعتقد أنه سوف يمتنع عن تحقيق تلك الرغبة ويقيّد نفسه بقيد مصلحة عائلته.
     الشيء الآخر، ان اغلب النفوس البشرية ضعيفة أمام الشهوات (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ) ولا تقدر على مقاومة الاغراءات في أغلب الأمور؛ لذلك من العقل ان يغلق الانسان أبواب تلك الشهوات التي يعلم انها ستتسبب له بمشاكل وربما كوارث، فهو بغنى عنها.
     وباب العلاقات خارج الزوجية إن فُتحَ فلن يغلق ابدا، وكما قلنا وكررنا من ان هذه الامور تبدأ بخاطرة فإن دَفَعَ الانسان هذه الخاطرة عن قلبه فقد دفع امراً عظيماً.

 

منتظر الخفاجي



جديد قسم : مقالات

إرسال تعليق