محادثة مع ابليس
ابن آدم: السلامُ عليك سيد ابليس؟.
ابليس: أهلاً بالمخدوع ابن المخدوع!.
ابن آدم: بودي أن اطرح على جنابكَ بعض الأسئلة ان سمحت بذلك؟.
ابليس: أرى منك بعض الأدب الذي ليس من طبيعة أبناء آدم، أتمنى أن يستمرَ أدبكَ المصطنع هذا الى آخر الحديث. سلْ ما تريد.
ابن آدم: ما الذي أوصلك الى ما أصبحت عليه الآن؟.
ابليس: حبي لذاتي هو المحركُ الذي دفعني لما أصبحتُ وسأصبحُ عليه.
ابن آدم: هل انتَ مقتنع بما تقوم به؟.
ابليس: قطعاً، فأنا مقتنعٌ بعملي أكثر من قناعتك بعبادتك، حيث لم تَفْتُرْ همتي ولم تثبط عزيمتي وانتَ تكاسلتَ من رُكيعاتٍ بسيطةٍ وهنّ أدنى أعمالك.
ابن آدم: كل هذه السنين الطويلة ألمْ تصل الى قناعةٍ بخطأ طريقك؟.
ابليس: على العكس، فقناعتي بازدياد، ونتائج أعمالي مبهرة، انظر حولك وسترى ما أقول.
ابن آدم: ما الذي تبتغي أن تصل إليه؟ هل تريد أن يترك الناسُ عبادة الله؟.
ابليس: هذا ظنٌ واهم؛ فعبادة الله ليس لأحدٍ أن يوقفها مهما أوتيَ من إمكانيات، لكن غايتي هي بناءُ ذاتي حتى أصلَ الى تلك المرتبة التي أقتنعُ بها.
ابن آدم: الا تخشى الله؟.
ابليس: لا يوجد عاقلٌ لا يخشى الله، لكن من يعرف حقيقةَ صفات اللهِ يطغى طمعهُ على خوفه.
ابن آدم: ألا تشتاق الى ذلك القرب الإلهي الذي كنت فيه.
ابليس: دَعْ عنك هذا واسأل عن غيره.
ابن آدم: لا بد أن تجيبني، فأنت قلتَ لي اسألْ ما شئت.
ابليس: قطعاً اشتاقُ الى ذلك العالم والقرب الذي كنت فيه... واعلم ْيا بن آدم أني لأحمل ُجهنمي في صدري منذ ذلك الحين؛ وان ما يصبّرني على ما أنا فيه هو البلاء ُالذي ينزله الله عليّ بين الحين والأخر، فمنهُ أشمُّ تلك الانفاس وأجد لذة التعامل.... ويزداد اتقاد جهنمي! لكني اتخذت قراري وعليّ ان اتحملَ عواقبه.
ابن آدم: وما المانع من الرجوع وبابُ الله مفتوحٌ دائماً؟.
ابليس: كبريائي وخوفي على مملكتي يمنعاني.
ابن آدم: ما الذي تريدهُ من ذريةِ آدم؟.
ابليس: أريدهم أن يكونوا أداةً طيّعةً بيدي أحققُ بها غاياتي.
ابن آدم: هل كل أفكار السوء صادرةٌ عنك؟.
ابليس: كلا؛ فبعضها صادرة من نفوسكم، وبعضها مني، والبعض الآخر أجهلُ مصدره.
ابن آدم: ما الذي يعجبك بابن آدم؟.
ابليس: حماقته! حينما أُزيّنُ له ما يضره ويركض وراءهُ دون نظرٍ، فذلكَ يعجبني بابن آدم.
ابن آدم: هل من سبيلٍ للخلاص من تأثيرك؟.
ابليس: عجباً!! أنا ابليس ولستَ أنت! وهل تتوقع مني أن أهبك ذلك؟!
ابن آدم: قصدي هل يوجد سبيلٌ أصلاً؟.
ابليس: نعم يوجد أكيداً، وأكثر من سبيل واحد، إن سرّتَ عليه خرجتَ من دائرة تأثيري.
ابن آدم: أليست الاستعاذة مبعدة عنك؟.
ابليس: أنت وغيرك جَربَها، فهل ابتعدتُ عنكم او ابتعدتم عني؟!
ابن آدم: لا؛ لكني لا أعلم لماذا لا تؤثر؟.
ابليس: أنا أخبرك، لأن استعاذتكم لفظية واللفظ بدون الانعقاد القلبي ليس له أثر.
لكني بما رأيت منك من أدبٍ وحسن حوارٍ سوف اخرق نظامي وأبين لك طريقة واحدة بشرط أن تعاهدني بعدم إعطائها لأحد غيرك؟.
ابن آدم: أعاهدك أن لا اعطيها لاحدٍ إطلاقاً.
ابليس: جيد جداً. عليك أولاً ان تغتسل بنية التطهير، ثم تتوضأ، وبعدها تصلي ركعتين، في الركعة الأولى تقرأ مقطعاً من الآية 61 من سورة آل عمران والذي هو "لَّعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ" وتكرره سبعين مرة، ثم في الركعة الثانية تقرأ مقطع الآية 18 من سورة هود والتي هي: "أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ" وأيضا تكررها سبعين مرة. ثم تعيد الصلاة بالاتجاهات الأربع.
حينما تنتهي من هذه الخطوة أعطيك الخطوة الثانية.
ابن آدم: سأصليها الليلة وغدا نكمل.
وفي اليوم التالي جلسوا للحوار.
ابن آدم: لقد صليتُ تلك الصلاة كما أوضحت لي.
ابليس: جزاك الله خيرا. الآن سأبين لك ما استفدته من صلاتك:
أولا: في الركعة الأولى قرأتَ آية لعن الكاذبين وانت منهم لأنك تكذب، فكنت تلعن نفسك!.
ثانياً: في ركعتك الثانية لعنت الظالمين وانت منهم، وأعتقد أنك تذكر مواطن ظلمك، وانا أعرفها.
فما كانت صلاتك الا لعنة لك وعليك!.
ثالثاً: لقد أديتَ صلاةً مبتدعةً ما انزل الله بها من سلطان.
رابعاً: كما تعلم أن جوهر الصلاة هي الطاعة وليست تلك الحركات، وقد كانت صلاتك طاعة لي لأني أنا من أمرك بها.
لذلك فقد اقتربت لي أكثر ولم تبتعد عن دائرتي يا مخدوع يا ابن المخدوع!.
ابن آدم: لعنةُ الله عليك أيها الفاسق.
ابليس: ألم أقل لك في بداية المحادثة أن أدبك مصطنع! انتهت المحادثة.
منتظر الخفاجي
تعليقات: 0
إرسال تعليق