ومضات تربوية
النصيحة


النصيحة
   بعض الناس وربما الكثير منهم لا يتقبل النصيحة من غيره، وإن تقبلها فعلى سبيل المجاملة، نعم ربما يتقبلها إن قرأها في كتاب أو مجلة، لكن يصعب عليه تقبلها من الناصح مواجهةً؛ وسبب ذلك أنه يرى أن النصيحة تستبطن قول الناصح: (أنا أفضل وأفهم منك) فتحمل شيئاً من الإهانة لكماله، لذلك يمتنع عن تقبلها وإن كانت صحيحة.
   فيكون المانع ليس غناه وإنما تكبره الكامن في صدره، وإعجابه بنفسه، ورؤيته لمحاسنه سواء كانت واقعية أم وهمية هو اصطنعها، والتي تقف بينه وبين تحصيل ما ينفعه، وبالتالي يُضّيع على نفسه فوائد ربما لو عاش عشرات السنين لم يحصل عليها؛ بسبب أوهامه الطاردة لهكذا فوائد.
   إن الترفع عن النصيحة هو غلقٌ لأحد أبواب العطاء المجاني، غلقٌ لأحد نوافذ التقويم والصلاح؛ لأن النصيحة هي إحدى الأبواب التي يُدخل منها الحق سبحانه عطاءه إلى عباده.
   نحن ننظر إلى الخير الذي يُساق الينا أنه من المنعم تبارك وتعالى، ولا أقل أن له اليد الطولى في ذلك، فلماذا لا تكون النصيحة من هذا القبيل؟!
   إن الفرد عندما ينظر إلى النصيحة على واقعها، أعني أنها هدية من الرحمن اصطفاها لهذا الانسان، واتخذ لها سبحانه الأداة والطريق الذَينِ يراهما الأنسب لإيصال هذا العطاء لهذا الانسان، حينئذ ينبغي أن تتبدل نظرة هذا الفرد للنصيحة، لا ينظر إلى الشخص الحامل لها -أعني الناصح- من أنه يريد أن يبين أفضليته عليه، بل ينظر اليه على أنه رسول يحمل هدية من ربه تقصر له المسافة وتختصر له الجُهد، سواء شعر هذا الرسول بذلك أو لم يشعر وهو الأغلب، وحتى لو اعتقد الحامل للنصيحة أنه هو الناصح والمتفضل فلن يضرك شيئاً، لأن المهم أنك تراها هدية من ربك تُجدد حبل التواصل بينك وبينه سبحانه. فتقبلها وأشكر الله تعالى عليها.
-وله المنّة -




جديد قسم : ومضات تربوية

إرسال تعليق