الزكاة التامة |
الزكاة التامة
لا اقصدها
بمعناها المتشرعي إنما بمعناها العام أو قل بالمعنى القرآني، فقد استعمل القرآن
الكريم الزكاة في كل معانيها والتي هي الطهارة والنماء والبركة والصلاح والمدح،
وكلها تندرج ضمناً في الطهارة وآثارها، وكذلك فإن تزكية المال هو تطهيره وتطييبه.
وتشمل الزكاة كل
جوانب الإنسان وأفعاله، وليس فقط أمواله، فقد تكون زكاة الأموال هي أقلها وطأةً
وأدناها خطراً.
أما الزكوات
الأخرى التي أهملها الفرد المسلم وربما لصعوبتها فهي لا تقل أهمية عن زكاة الأموال
لأنها تعطي نفس الأثر الذي تعطيه زكاة الأموال لكن في موردها، وقد أوضح لنا
الإسلام كل موار الزكاة، وتوضيحه هذا يُفهم منه أنه يريد منا دخول هذه الموارد
والعمل على وفقها سواء أكانت على وجه الفرض أو الاستحباب، فهي مطلوبة ومحببة لله
تعالى، بل هي في عمق الإرادة والتخطيط الإلهي الذي نستفيده من قوله جلّ ذكره : )مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ
وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ
تَشْكُرُونَ[1]( .
فهي مُرادةٌ
ومطلوبة وإن أبينا ذلك أو أنزلنها إلى مراتب سفلى.
وقد ورد عن
الرسول الأعظم أنه قال لأصحابه يوماً: (ملعون كل مالٍ لا يُزكى، ملعون كل جسدٍ لا
يزكى ....)[2]،
وكذا قول علي بن ابي طالب عليه السلام: (إن الله فرض عليكم زكاة جاهكم كما فرض
عليكم زكاة ما ملكت أيمانكم)[3]،
وهنالك نصوص كثيرة تصرح بأن لك شيء زكاة، كما جاء عن الإمام علي والإمام الصادق
عليهما السلام قولهما: (لكل شيء زكاة)[4] و
(إن لكل شيء زكاة)[5]
وقال الإمام الصادق (ع) :(على كل جزء من أجزائك زكاة
واجبة لله عز وجلّ، بل على كل شعرةٍ، بل على كل لحظة! .....)[6].
ومن موارد ذلك:
1-العقل. قال
الإمام علي (ع): (زكاة العقل احتمال الجُهّال)[7].
2-العلم. قال
الإمام علي (ع): (زكاة العلم بذله لمستحقيه، وإجهاد
النفس في العمل به)[8].
3-الجاه. قال
الإمام الصادق (ع): (الشفاعة زكاة الجاه)[9].
4-النِّعَم. قال
الإمام الصادق (ع): (المعروف زكاة النعم)[10].
5 –الظَّفَر.
قال الإمام علي (ع) :(العفو زكاة الظفر)[11].
6-الأبدان. قال
الإمام الصادق (ع) :(العلل زكاة الأبدان)[12].
7-الجمال. قال
الإمام علي (ع): (زكاة الجمال العَفاف)[13].
8-اليَسار. قال
الإمام علي (ع): (زكاة اليسار بِرُّ الجيران وصِلة
الرحم)[14].
9-الصحة. قال
الإمام علي (ع): (زكاة الصحة السعي في طاعة الله)[15].
10-الشجاعة. قال
الإمام علي (ع) :( زكاة الشجاعة الجهاد في سبيل الله)[16].
11-العين. قال
الإمام الصادق (ع): (زكاة العين النظر بالعِبرة والغض
عن الشهوات وما يضاهيها)[17].
12-الأذن. قال
الإمام الصادق (ع): (زكاة الأذن استماع العلم والحكمة
والقرآن)[18]. هذه أمثلة
والموارد كثيرة.
إذن كل نعمة
أنعمها الله تعالى على عبده وجب على العبد أداء حقها وذلك بتزكيتها والعمل بها بما
يرضي واهبها، وخاصة إن كانت النعمة فوق الحدّ المتعارف.
هذا، ومن جهة
أخرى أن التقصير في أداء زكاة تلك النعم هو داعية لسلب تلك النعم أو رفع الموانع
عن إضرارها بصاحبها، إذ أن الحق تعالى عندما يهب نعمته لعبده فقد يأمل من ذلك
العبد أن يفيض من هذه النعمة على غيره، فإن لم يفعل فهو جدير بأن تُسلب منه تلك
النعمة، وقد نبه الإمام الصادق عليه السلام إذ قال: (وما
أدّيتَ زكاتهُ فهو مأمون السَلب)[19].
ولله
الحمد من قبل ومن بعد
[2] بحار الانوار ج 64 ص219
[3] تفسير القمي ج 1 ص 152
[4] نهج البلاغة قصار الحكم
[5] بحار الانوار ج 75 ص 247
[6] مصباح الشريعة ص 17
[7] التوحيد ص 127
[8] غرر الحكم ص132
[9] بحار الانوار ج 74 ص 223
[11] عيون الحكم ص 38
[12] بحار الانوار ج74 ص 223
[13] مستدرك الوسائل ج7 ص 46
[14] عيون الحكم ص 276
[15] عيون الحكم ص 276
[16] نفس المصدر
[17] مصباح الشريعة ص 17
[18] المصدر السابق والصفحة
[19] تحف العقول ص 381
تعليقات: 0
إرسال تعليق