ومضات تربوية
مقدمات الظهور بالعين اليمنى


مقدمات الظهور بالنظر بالعين اليمنى
إن الحقيقة المرتكزة في عقل من يؤمن بأن مقدمات النوع البشري وما مر به من تطورات واختلافات وتوسع إدراكي وثقافي واجتماعي ومصاعب وظلم وإبداع وغيرها، يجب أن تؤدي إلى نتيجة، وحسب العقل ينبغي أن تكون النتيجة أكبر وأعظم من المقدمة.
ويؤمن هذا العقل من أن هنالك فترة ستُخرِج من الإنسان أفضل ما فيه، بما أن الإنسان بكل مراحله التاريخية وأطواره لم يُظهِر إلا مساوؤه. وعليه احتاجت البشرية إلى خبير متمكن من إخراج الطاقات البشرية الصالحة والذي يقودهم إلى بلوغ مرحلة الإنسان، أعني الإنسان الخالص من الحيوانية، احتاجت البشرية إلى من يهديها سبل بلوغ مرحلة الإنسان، يهديها إلى استغلال الطاقة المودعة فيها، أن يؤسس لها منهجية قويمة تزيل عنها الموانع التي تعثرت بها وتتعثر بها الآن.
فكان هذا المؤسس للنظام الإنساني الخالص والمهدي لسبيل تطورها هو – المهدي او المنقذ او المصلح او مهما اختلفت تسميته -.
لكن الحكمة الإلهية اقتضت وربما نجهل السبب أن لا تصل البشرية إلى نسيم الصعود إلا بعد غبار النزول بعين الشرع. فجاءت الأخبار تؤكد أن الصعود إلى رتبة الإنسان لا يكون إلا بعد أن يمتلئ الإنسان ظلماً وجوراً، إلا بعد أن ينزل الإنسان إلى أدنى المراتب ويرى أن ما يبحث عنه غير موجود في تلك المراتب النازلة، عندها تبدأ رحلة الصعود.
ومن تلك المقدمات ترى البشرية المؤمنة بالنتائج كلما زاد نزول الإنسان إلى دركات الرذيلة استبشرت بقرب ظهور المهدي عليه السلام، وكلما سمع الفرد بحادث شنيع قال: (قد قرب الظهور). فترى الفرد بين أمرين الحزن على ما يحدث للبشرية والاستبشار بقرب الظهور. وهذه نظرة لا بأس بها لكنها بالعين اليسرى.
أقول: هل نستطيع أن ننظر بعين أخرى؟ عين مبتنية على أساس أخر؟.
ومحصل هذا الأساس:
كما أن من ملازمات الظهور نزول البشرية إلى دركات الحيوان كذلك فإن من شرائطهِ وصول فئة من البشرية إلى أرقى رتب الإنسان؛ لأنه كما هو المشهور نقلاً والمؤيد عقلاً أن المصلح أي مصلح كان يحتاج إلى صالحين مصلحين وإن كانوا أقل منه مرتبة، لكي يؤسسوا معه أسس الصلاح ويثبتوا ثوابت الرقي، ويجب أن يكونوا بأعلى الدرجات الممكنة ليكونوا مؤهلين للعمل بهكذا مشروع صَعُبَ العمل به حتى على الأنبياء. وعليه سيكون ظهور المهدي والمُقوّم منوط ليس بظهور الفساد وإنما بوجود هؤلاء الصالحين، وربما تأخر الظهور ليس لأن البشرية لم تصل إلى مستوى الفساد المطلوب! وإنما لعدم بلوغ الصالحين المرتبة التي تؤهلهم للمساهمة الكبرى في إصلاح البشرية.
وقد يكون عدم إيجاد مانع لنزول البشرية هو لأجل تسامي واستعداد هذه الفئة المخلصة، فكلما تدانت الدنيا وأهلها زادت الصعوبات والضغوطات على هؤلاء المخلصين والتي تؤدي بدورها إلى تمحيص اخلاصهم وتقوية إرادتهم وإخراج مكامنهم الكبرى.
إذن المنظور الأساسي لمقدمات الظهور هو ليس فساد البشرية وإنما صلاحها وإن كان في فئة قليلة، فالمفروض عندما نرى مؤمناً نقياً طاهراً، نقول: (قد قرب الظهور) وليس العكس. وإذا كنا على هذا المستوى من النظر عرفنا أن تعجيل الظهور هو بالصلاح والرشاد وليس بالضلال والفساد، عرفنا أن من يريد تعجيل الظهور وجب أن يصلح نفسه ويدعو للصلاح وليس أن يفسد ويدعو للفساد.
والله يقول الحق وهو يهدي السبيل




جديد قسم : ومضات تربوية

إرسال تعليق