القسم الاول
الأدب مع الله تعالى

الأدب مع الله تعالى


القسم الاول


   اغلب الناس عندما يذكر أحد أصحاب السلطة، لا يذكره الا بأن يضفي عليه من الألقاب ما تسكن لها نفسه -جلالة الملك، فخامة الرئيس، صاحب العظمة، سمو الأمير، معالي الوزير، قداسته، سماحته، فضيلته- الى اخر الألقاب، الا الله سبحانه عندما نذكره نقول: (الله يريد، الله أمرنا، الله يحبنا، الله هو السبب في ذلك!، اترك الامر على الله وهو يفعله.....) فما السبب في ذلك؟ هل ان الله تعالى شأنه أقل شأناً من هؤلاء عبيد الشهوات وخدام الدنيات؟! أم بسبب قوة علاقتنا بالله سبحانه بحيث رُفع بيننا التكلف وأصبحت بيننا (ميانه)؟!  أم هي من سوء الادب بحضرة الحق؟ وربما وان كنا نقول ان الله سبحانه موجود وعظيم وبيده كل شيء لكن واقعنا الفعلي والعملي عكس ذلك؟.

   هل كانت صفات الحق سبحانه من التسامح والرأفة والإمهال والغفران والمحبة داعية لإساءة الادب معه، وجبروت وطغيان الحاكم داعية لتعظيمه وتمجيده؟ انْ هذا الا جهل محض، الذي يعاملنا بالحسنى ومعالي الصفات نسيء معه الادب، ومن يعاملنا بأسوء الصفات نحسن معه الادب ونعظمه؟!.

   من جهة أخرى، هل تظن ان قربك وعباداتك ومعرفتك التي تدعيها تعطيك الحق بإساءة الادب؟.

   إعلم، ان كل عمل عبادي أو قربوي أو معرفي بالمعنى الباطني، خلا من آدابه فهو عمل أخطأ عنوانه.

   ليس القرب او التضحية او التقدمة للحق جل شأنه الا داعٍ لمزيد من التأدب والتعمق بدقائقه؛ لان لكل عمل أدب يتقدمه ومن لم يحسن آداب الكلام فالسكوت له أولى، اذ لا يعلم مواطن هلاكه، وكلما عظم العمل عظم أدبه، وكلما كان الفرد أقرب الى حضرة الحق كان أكثر مراعاة لآداب الحضرة، هذا هو الحق وما سواه محض وهمٍ.

   الكل يعرف الاتكيت وهي الطريقة التي يتعامل بيها الشخصيات السياسية او الاجتماعية في محافلهم ولقاءاتهم، وهي مرتبة لطيفة من مراتب الآداب، (هكذا ينبغي ان تكون جلستك، ويجب أن تتحرك بكذا حركات، وهكذا يجب ان تنظر، ولا يجوز ان تحرك يديك كثيراً.....) وانت جالس في حضرة حقيرة مملوءة بأقذار الدنيا، وتراهم يلتزمون بهذا الاتكيت بحذافيره ويخشون الخطأ في التطبيق. اليس من العدل أن يطبق هذا الادب في حضرة الحق جل جلاله؟.

   من يُسئ الادب في حضرة مولاه ويدعي القرب فهو البعيد ولو كان على يمين العرش.

   كان يقول استاذنا رحمه الله تعالى: (لا يدخل حضرة الحق الا من تأدب بآدابه). 

   نعم هناك حضرات وهمية تشبع رغبات النفس، لك ان تسيء الادب فيها.

   إن صفات الحق سبحانه وسمو تعامله مع الخلق هي بحد ذاتها داعية قوية لحسن الادب، لمن كان له قلب يبصر.

   ان من أبشع صور الانسان هو ان يستغل حسن صفات الغير، بل هي من سفالة الأفعال.   

                                      وله الفضل



جديد قسم : مقالات

إرسال تعليق