ومضات تربوية
تداعي الرباط المقدس



تداعي الرباط المقدس


     إن السبب الأكبر في حدوث أغلب حالات الطلاق بين الأزواج، ونشوء أغلب المشاكل بينهم، هو تمكّن النفور من قلب الزوجين أو أحدهما، والذي ينشأ – أعني النفور – من صدور الأفعال والتصرفات التي لا يستسيغها أحد الطرفين من الآخر. فإن تراكمت هذه الأفعال الغير مرغوبة، ولم تجد ما يزيلها ويغسل أثرها من ساحة القلب ستمسي كل أفعال المقابل مبغوضة ومؤدية إلى التدابر القلبي، وبالمقابل إن تمكنت المودة من قلب أحد الطرفين أمست كل أفعال الطرف الأخر محبوبة لديه، وحتى أخطاءه سوف تجد في نفسه المبررات لها دون صعوبة أو تكلف.
     وعلى أساسه وجب على العاقل إن رأى أن النفور بدأ يدب بينه وبين زوجه أن يعمل على إيقافه وقطع أسبابه، لأجل إعادة حياته الزوجية إلى ما كانت عليه سابقاً، أعني وقت المودة، لأن الحالة الطبيعية بين الأزواج هي المودة وتبدلها خروج عن الحالة الطبيعية.
     ولغلق الباب أمام ريح التدابر والتنافر القلبي، ينبغي على الطرفين أن يتوخيا الأمور التالية:
     أولاً: إيجاد المبررات لكل خطأ يصدر من المقابل، ووأد الخطأ قبل أن يتمكن من القلب ويبدأ بتأثيره السلبي.
     ثانياً: إحياء المودة، وعدم ترك الخمول يدب إليها، وذلك بإثارة محبة المقابل وتحريك قلبه من خلال الأفعال الموجبة لذلك، والتي منها إيثاره على نفسك، وفعل الأفعال التي ينجذب إليها، وأساسه هو معرفة مفتاح قلب المقابل، فإن لكل قلب مفتاحه.
     ثالثاً: إن طبيعة القلوب مجبولة على محبة من يعطيها، لذلك وجب على الزوجين أن يقدما لبعضهما من العطاء ما يكون سبباً لتأجج المودة بينهما.
    رابعاً: غض النظر عن أغلب هفوات وأخطاء المقابل، وترك المحاسبة على الأمور الصغيرة والتافهة، فإن نسيان وضع الملح في الطعام لا يستدعي قيام حرب عالمية ثالثة!.
    خامساً: كلما رأى أحد الطرفين أن العلاقة الزوجية أوشكت أن تصبح علاقة روتينية وعملية، وجب عليه أن يكسر ذلك الحال، بتلطيفها بأي فعل يخرجها عن الرسمية والروتينية، لكي ينعش قلب الزوجية.
     سادساً: لا تُكره الطرف الثاني على أن يكون مثلك، فإن الخالق-جلت قدرته- وهب لكل انسان شخصيته وإمكانياته العامة، ولكل إنسان مستواه الإنساني العام الذي يختلف به عن سواه، فلا تحاول أن تجعل المقابل مثلك لأنك معجب بنفسك، فإن ذلك مطلب عسير.
    سابعاً: ربما يكون هنالك تفاوت بالمستوى العقلي بين الزوجين، فينبغي على الأكثر تعقلاً أن يَنزل إلى مستوى إدراك الادنى، ولا يكلف المقابل ما لا يطيق من الأمور التي تعلو مستواه العقلي، فإنك مطالب بأن تلكم الناس على قدر عقولهم، وأن تصلي بصلاة أضعفهم، كما ورد في الخبر عن النبي (ص): (إنا معاشر الأنبياء أُمرنا أن نكلم الناس على قدر عقولهم) المازندراني شرح أصول الكافي ج12-ص 373 ] وعن علي (ع) : (......وصلوا بصلاة أضعفهم ولا تكونوا فتانين) [نهج البلاغة] .
وله المنة



جديد قسم : ومضات تربوية

إرسال تعليق