تغيير الافعال ( القسم الرابع ) |
تغيير الأفعال
القسم الرابع
الطريق الأول
وهو طريق المعالجة المباشرة والذي يكون على قسمين:
القسم الأول: وجوهره، ترويض النفس على الصفة أو الخُلق الحسن المضاد للصفة السيئة التي يروم الفرد التخلص منها، من خلال تكرار الأفعال المناسبة للصفة المقابلة مدة طويلة نسبياً الى ان تكون الأفعال سهلة الصدور على النفس، حيث أنه في بداية الامر سيجد صعوبة بفعل الأفعال المتولدة من الصفة المضادة؛ لعدم وجود هذه الصفة في داخله –ظاهراً- أو لعدم تفعيلها ان كانت موجودة فيه، لكن مع الاستمرار سيجد سهولة ويُسر في فعل هذه الأفعال؛ بعدها ستنعكس العملية فيجد استنكار داخلي وعدم تقبل للأفعال التي كانت تصدر منه على أساس الصفة الأولى.
القسم الثاني: ان توسع الصفات وتعمقها ينشئ من
تفعيل هذه الصفات عن طريق اصدار الأفعال المتولدة من هذه الصفة وتحقيقها في ارض
الواقع، فكلما حققنا أفعالاً صادرةً من صفة الخوف توسع الخوف لدينا وأخذ بالتعمق.
وعلى هذا المبدأ تكون الخطوة للتخلص من الصفة أو الخُلق الرديء هو عدم التجاوب مع
إرادة هذه الصفة بتحقيق افعالها في ارض الواقع، بل عدم إطاعة ما يصدر منها لأجل
التضييق عليها وبالتالي أضعاف هذه الصفة لعدم وجود مغذيات لها.
هذا بالنسبة للطريق المباشر في المعالجة او التجرد من الصفات الذميمة.
الطريق الثاني
هو العلاج غير المباشر، والذي يتحقق عن طريق ما أسميناه بالارتقاء المرتبي.
وذلك: ان بعض صفات الانسان هي معطيات للمرتبة الكمالية الكائن بها الفرد، وأعني ان لكل مستوى من مستويات الانسان لوازم ومعطيات تكون من ضمن مفردات -عطاءات ونواقص- هذا المستوى، فعند تمثل الانسان في مرتبة معينة والتي هي داخل خط نظامي متكامل فسوف يُستبدل رزقه الشامل نقصاً وكمالاً على حسب أصول المرتبة الجديدة، فحين الارتقاء الى مرتبة أعلى من مرتبته السابقة فسوف تتبدل أغلب حظوظه والتي منها بعض صفاته أو جزاء منها، لأنه حينما ينسلخ من المرتبة السابقة فسوف ينسلخ عن كل ملازمات تلك المرتبة وأركانها والتي منها الصفات المكتسبة من تلك المرتبة وبعض الصفات الذاتية التي لا تناسب مرتبته الجديدة، وقد شهدنا من بعض طلابنا كيف تساقطت عنهم بعض الصفات دون عمل او جهد منهم، انما بتجاوزهم المرتبة السابقة فقد خرجوا من دائرة تلك المرتبة بكل محتوياتها.
بعض الصفات لا يمكن التجرد منها او تبديلها مادام الفرد باقٍ في مرتبته او مستواه، اذ لابد من الخروج من سلطان تلك المرتبة حتى يتسنى له التجرد من تلك الصفات. وذلك عن طريق قابلية الاكتساب المودعة بالإنسان، وأقرب مثال لذلك عندما يقترب شيء من النار فسوف يكتسب من حرارتها اجباراً وكلما اقترب أكثر اكتسب أكثر الى ان يشابه النار بكل صفاتها حينها يندمج في صفات تلك النار وتتوحد الصفات، فكذا الامر في التقرب من منبع الصفات جل جلاله، وبالتقرب يكون الارتقاء الكلي، فيصبح التبديل والتغيير شامل لكل جوانب الفرد. والعكس صحيح، فكلما ابتعد الانسان عن منبع الصفات تبدلت صفاته من صفات حميدة الى سيئة، حيث سيُمسي اكتسابه من الجهة السفلى وينقطع عن اكتساب الصفات العليا والمد الأخلاقي.
فمن يتخذ هذا الطريق سيكون بغنى عن علاجات أهل الاخلاق وغيرهم، ولن يحتاج الى مسالك أهل العرفان من المخالفات والمجاهدات والرياضات، انما سيغنيه الحق تعالى عن الحاجة لغيره اطلاقاً.
والحمد لله وحده
تعليقات: 0
إرسال تعليق