سماحة الاب المربي
تغيير الافعال ( القسم الاول )

تغيير الأفعال

(تسهيلا للقارئ قسمنا البحث الى اقسام)

القسم الأول

   الانسان على الصعيد الاجتماعي عبارة عن أفعال، فمن خلال افعاله تُقيّم شخصيته، فيمدح ويذم ويمنع ويكافأ، ويقاطع ويواصل، ويرتقي في المراتب الاجتماعية عن طريق قيمة أفعاله.

   ولكل مجتمع موازينه لقيمة الفعل، قد تشترك أغلبها بين المجتمعات المختلفة وتختلف في البعض منها، وهذه الموازين هي خليط من قيم واعتبارات مختلفة الموارد، فبعض هذه الاعتبارات التي يقاس عليها قيمة الأفعال ناشئ من المفهوم الديني، وبعضها من العادات الاجتماعية، وبعضها منشأه عقلي، أي منتزع من مفهوم الاصلح والانسب عقلاً، والبعض الآخر منشأه نفسي، أي مبني على أساس الرغبات واللذائذ النفسية، وكذلك هناك ما يعتمد على المنشأ الفطري للإنسان. فهي عبارة عن قيم منتزعة من مناشئ مختلفة.

   وتتبدل بعض هذه الموازين حسب المرحلة الزمنية، لان هذه القيم خاضعة لنظام التكامل، وليست بمنأى عن قانون التمحيص العام.

   اذن قيمة الانسان على المستوى الاجتماعي هي بما يصدر عنه، وعليه يكون على الفرد الذي يسعى الى رفع قيمته الاجتماعية او انزالها، ان يبدل ما يصدر منه من أفعال او اثار، صعوداً ونزولا.

   وهنا نسأل هل للإنسان القدرة او السلطة على تغيير ما يصدر عنه؟
  وجوابه: ان الفرد من خلال حياته الواقعية يرى ان له السلطة على تغيير وتبديل ما يصدر عنه من أفعال، لكن ليس كل ما يصدر عنه، فهناك من الأفعال ما يكون الفرد عاجزاً عن التحكم بها، وهذا واضح لمن تدبر، فكثير من الناس يريد ان يقلع عن تصرف معين لكنه يفشل في ذلك، بل قد يرى ان تغيير هذا الصادر المُعيّن بمثابة المستحيل، وكلما حاول ان يتخلص من الفعل الفلاني فشل في ذلك، وقد يوعز البعض ذلك الى ضعف الهمة والإرادة، او عدم مناسبة الزمان او المكان أو عدم الاستعداد او غيرها من الأسباب، وقد يوعز البعض عدم القابلية على تغيير بعض الأفعال؛ لوجود إرادة عليا غالبة على ارادته، حينئذ تبقى بعض أفعال الانسان ملازمة له طوال فترة حياته.

   نعم قد تكون كل الأسباب لعدم القدرة على تغيير الأفعال صحيحة، لكن لا يعني هذا ان الانسان مسلوب الإرادة كلياً عن تغيير أي فعل من افعاله، انما هذا السلب قد يكون مرحلي او مرتبي، حتى وان نُسب الى الإرادة العليا، فالإرادة العليا غير ثابتة بل ولا تريد الثبات للخلق وهذا ما يشير اليه سير النظام الكلي، بل الامر أكثر من ذلك؛ اذ الإرادة العليا هي الدافعة للإنسان نحو التغيير من خلال الأنظمة الدنيا او العليا.

   ثم ان تفحصنا مسير الانسان على كل اصعدة الحياة نجد ان تنقلات الانسان المتولدة عن الحركة المستمرة هي في واقعها تغيرات وتبدلات جزيئية ان لم تكن على وجه الفعلية فهي على وجه الحالية، لأن الطبيعة التكوينية للإنسان هي الحركة وليس السكون، اذ السكون لا يعني الا موت هذا الكائن. نعم يقع الاستقرار في الجوانب الكلية ظاهراً، أما داخل هذه الكليات فالحركة والتنقل والتغير غير متوقف.

   وعلى هذا، فللإنسان القابلية على تغيير كل فعاله........ نكمل الحديث في القسم الثاني إذا شاء الله تعالى.





جديد قسم : مقالات

إرسال تعليق